Back

تواجه الشركات السعودية في الوقت الحالي تحدياتٍ فريدة من نوعها من حيث إدارة قوة العمل التي تضم أجيال مختلفة تتمثل في الموظفين الذين ينتمون إلى مجموعات عمرية وخلفيات مختلفة. وهذا ينعكس على نوعيات التعلم المرتبطة بكل جيل من الأجيال وتميزه، وبالمثل تفضيلاته، وتوقعاته مما يستدعي أن تكون مبادرات التعلم والتطوير قادرة على استيعاب هذا التنوع. ويتناول هذا المنشور التحديات المتعلقة بإدارة قوة العمل التي تتضمن الفئات العمرية المختلفة في المملكة العربية السعودية وطرح الأفكار الخاصة بتفصيل مقاربات التعلم والتطوير حتى تلبي احتياجات الأجيال المختلفة.

وتضم قوة العمل السعودية أجيالٍ مختلفة، بما في ذلك جيل مواليد 1946 – 1964 (Baby Boomers)، ومواليد 1965-1979/1980 (Generation X)، ومواليد 1982 -2004. (Millennials)، ومواليد 1990-2010 (Generation Z). كل جيل من تلك الأجيال له سماته، وقيمه، ومقارباته الخاصة به فيما يتعلق بالتعلم. ومن ثم فإن إدراك وفهم هذه الاختلافات لهو من الأمور الهامة والأساسية التي تساعد على وضع استراتيجيات التعلم والتطوير الفعالة.

التحدي الناتج عن تنوع نوعيات وتفضيلات التعلم

طبعا تختلف أساليب التعلم وتفضيلاته باختلاف الأجيال وذلك بسبب أسلوب التربية، وخبراتهم وتجاربهم، واستخدام التقنية والإلمام بها. فمثلاً يفضل جيل 1946-1964 الأسلوب التقليدي في التعلم بالجلوس في قاعات التدريب، في حين يتألق جيل 1982-2004 و1990-2010 من خلال النهج المعتمدة على التقنية والنهج التفاعلية. ومن ثم فإن استيعاب أساليب التعلم المختلفة المشار إليها من الأمور الضرورية حتى يمكن تحقيق أفضل واقصى قدر ممكن من نواتج التعلم.

ولذلك يتعين على الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية حتى تتمكن من التعامل مع أساليب التعلم المتنوعة أن تُفصل محتوى التعلم وأساليب تقديمه حسب الفئة المتلقية. وفي هذا السياق، فإن المزج بين أساليب التدريب التقليدية في القاعات، ووحدات التدريب الإلكترونية، وورش العمل التفاعلية، ووحدات التعلم المصغرة من شأنه أن يكفل جذب ومشاركة الموظفين من الفئات العمرية المختلفة والتعامل مع المواد التدريبية بطرق تناسب تفضيلاتهم.

استخدام التقنية بهدف تحسين المشاركة

تلعب التقنية دوراً هاماً في مشهد التعلم بالنسبة لقوة عمل المملكة العربية السعودية متعددة الأجيال. حيث يشعر مواليد  1982 -2004. و1990-2010 عادةً بالارتياح مع استخدام التقنية، في حين تحتاج الأجيال الأكبر سناً إلى دعمٍ إضافي. ولذلك فإن إدخال تجارب المنصات التي تعمل على شبكة الإنترنت التفاعلية، واستخدام الألعاب، والحقيقة الافتراضية يمكن له أن يعزز من المشاركة النشطة بل ويجعل التعلم أكثر جاذبية لجميع الفئات العمرية.

إن تشجيع التعاون والإرشاد والتوجيه بين الأجيال المختلفة من شأنه أن يدفع بمزيد من مشاركة المعرفة ويخلق الشعور بالوحدة بين قوة العمل. ومن ثم فإن ضم الموظفين من كبار السن مع الشباب في مجموعات ثنائية في ظل برامج الإرشاد والتوجيه يسمح بنقل التجارب والخبرات، وفي نفس الوقت يسمح للشباب من الموظفين بمشاركة أفكارهم فيما يتعلق بأحدث التقنيات والاتجاهات.

تمثل خيارات التعلم المرنة التي تلبي التفضيلات الفردية أحد العناصر الضرورية حتى يمكن استيعاب الأجيال المتعددة التي تشكل قوة العمل في المملكة العربية السعودية. ومن ثم فإن تقديم وحدات التعلم التي يحدد المتعلم سرعتها، وخطط التطوير المصممة حسب الشخص، وحرية اختيار أنماط التعلم يمكن الموظفون من مسك زمام نموهم المهني ويخلق لديهم الشعور بالملكية تجاه هذا النمو وفي نفس الوقت احترام تفضيلات التعلم الفردية.

كما أن توفر التغذية الرجعية وتقييم الأداء من الأمور الهامة بالنسبة لكل الفئات العمرية. كما يتعين على الشركات السعودية إنشاء خطوط تواصل مفتوحة وآليات تسمح باستخلاص المردود حتى تضمن توافق مبادرات التعلم والتطوير مع احتياجات الأجيال المختلفة وتوقعاتهم. وهذا بدوره يسمح باستمرار التحسن وتفصيل مقاربات التعلم.

تستدعي إدارة قوة العمل التي تضم أجيال متعددة في بيئة الأعمال الديناميكية بالمملكة العربية السعودية تبني مقاربة مدروسة تجاه التعلم والتطوير. ولذلك يمكن للشركات من خلال فهم نوعيات التعلم المتنوعة وتفضيلات الأجيال المختلفة أن تفصل مبادراتها بحيث تستوعب الاحتياجات الخاصة بكل مجموعة. ومن ثم تستطيع الشركات من خلال الاستعانة بالتقنية، ونشر التعاون، وإضفاء الصبغة الشخصية، ونشر ثقافة التعلم أن تطلق العنان بالكامل لإمكانات قوة العمل المتكونة من أجيال مختلفة مما يحقق النجاح على المدى البعيد.